بيت لحم-رام الله مكس
سط مخيم الدهيشة جنوب بيت لحم، وتحديدا حارة الشهيد سائر سعود، عمّت الفرحة منزل عائلة أصغر أسير فلسطيني، وهو الطفل عبد الرؤوف أنور البلعاوي الذي لم يتجاوز 14 عاما، بعد أن أمضى فترة محكوميته البالغة أربعة أشهر في سجون الاحتلال.
تعود قصة هذا الطفل الى العاشر من شهر ديسمبر/ كانون الأول من العام 2017، عندما خرج في مسيرة طلابية للتعبير عن رفض الإعلان الأميركي اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، فوجد نفسه في قبضة جنود الاحتلال، لتبدأ بعدها فصول العذاب والمعاناة في سجون الاحتلال.
وتم الافراج عن البلعاوي قبل ثلاثة أيام، بعد أن أمضى أربعة شهور في السجن، ودفع غرامة مالية بقيمة أربعة آلاف شيقل.
يسرد البلعاوي اللحظات الأولى لاعتقاله، قائلا: خرجنا في مسيرة سلمية تعبيرا عن تمسكنا بالقدس عاصمة لفلسطين. وصلنا إلى المدخل الشمالي لمدينة بيت لحم، فلم أجد نفسي الا بين أيدي جنود الاحتلال الذين انهالوا علي بالضرب وخاصة على ساقي. مكثت نحو شهر وأنا أتعالج من الإصابة.
وأضاف: معاناتي تواصلت داخل السجن، ففي أول تحقيق تم ضربي بالقلم في وجهي، كان هذا في سجن “عوفر”. بعدها وخلال فترة التحقيق، تعرضت إلى الشتم بكلام بذيء وصراخ من أجل تخويفي، كل ذلك للضغط عليّ للاعتراف بأني قمت بإلقاء حجارة وزجاجات حارقة، ولم اعترف .
تنهد البلعاوي، وقال “الله يلعن اليوم اللي شفنا فيه الاحتلال، تعرضت في التحقيق إلى التهديد بقتل والدي واعتقال أشقائي وشقيقاتي وأمي”، مشيرا إلى أن شقيقه علاء معتقل في سجون الاحتلال، وكان المحققون يصفونه بأنه من أسرة “مخربة” منذ زمن.
وأضاف: وأنا في السجن وبعد خروجي، أشعر بالخوف من كل حركة في محيط المنزل. في أول يوم خرجت فيه، اقتحم الاحتلال المخيم، استيقظت على صوت قنابل الصوت والرصاص، وقفت على الشباك، وشعرت بالخوف. اعتقدت أنهم جاؤوا لاعتقالي مرة أخرى، لأنهم هددوني بذلك.
البلعاوي صغير الحجم، ويداه نحيفتان، لدرجة أن القيود الحديدية الكبيرة، كانت تسقط منهما.
وقال: كنت الأصغر في السجن، كنت خائفا في البداية، لكن المعتقلين شجعوني كثيرا، ووقفوا إلى جانبي، بعدها خرجت من حالة الخوف.
وينصبّ تفكير البلعاوي الآن، على العودة إلى مدرسته وإكمال تعليمه، لعيش طفولته كبقية أطفال العالم.
وقالت والدته “بعد خروجه من السجن، لاحظت عليه تصرفات لم تكن موجودة قبل اعتقاله، هادئ جدا، يخاف من كل حركة في محيط المنزل، وهو ما حدث في أول يوم له بعد الإفراج عنه، عندما اقتحمت قوة من الجيش المخيم، وأطلقت الرصاص والقنابل، استيقظ خائفا، وقال لي “ما تطلعي بلاش الجيش يدخل علينا”.
وأضافت أن عبد الرؤوف يحتاج إلى علاج نفسي، وهذا ما نفكر فيه، “الحمد لله أنه خرج وهو الآن بيننا، سأحميه بعيوني حتى يعود كما كان”.
بدوره، أعرب والد عبد الرؤوف عن امتنانه لمكالمة الرئيس محمود عباس شخصيا، معه ومع طفله، وقال إنها أعادت الروح لأبنه وأعطته دفعة معنوية كي يتعدى الظروف القاسية التي مر بها داخل السجن والعودة إلى حياته الطبيعية .
وأضاف: جميع أبنائي تعرضوا للاعتقال: الأكبر علاء في السجن، اعتقل وأفرج عنه قبل فترة، والصغير عبد الرؤوف حكم عليه بالسجن ثمانية أشهر، إلا أنهم قاموا بدفع مبلغ 4000 شيقل لتخفيض أربعة أشهر منها.
وعن مكالمة الرئيس، قال الطفل البلعاوي: خرجت من السجن بعد أن واجهت عذابته ومعاناته، ولكن اتصال الرئيس محمود عباس والحديث مع والدي ومعي شخصيا، أنساني كل ما واجهت من صعوبات وعذابات، ورفع معنوياتي.
تقرير:عنان شحادة-وفا