بدأ فولات ( 67 عاما) -وهو مراسل صحفي لمجلة دير شبيغل الألمانية في الشرق الأوسط عدة سنوات لتقفي أثر ابن بطوطة. وفي كتابه “عبر كل الحدود”، الذي نشر في فبراير الماضي تناول رحلات ابن بطوطة وحاول كشف أسباب اختلاف العالم الإسلامي اليوم عما كان عليه أيام ابن بطوطة من خلال تجربته الشخصية.
يرى فولات أن أبا عبد الله محمد ابن بطوطة (1304-1377م) -المولود في طنجة بالمغرب- وطريقة سرده لما شاهده عبر تنقله بين عواصم عديدة في الشرق والغرب كان الدافع الأكبر وراء فكرة قيامه بهذه الرحلة.
في عام 1325م بدأ ابن بطوطة رحلته إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، إلا أن تلك الرحلة امتدت إلى 29 عاما لتشمل معظم ما يُعرف بـ”بدار الإسلام” آنذاك، بداية من شمال وغرب أفريقيا وجنوب أوروبا وشرقها في الغرب، إلى الشرق الأوسط وشبه القارة الهندية وآسيا الوسطى وجنوب شرق آسيا والصين في الشرق، وهي مسافة وصلت إلى 120 ألف كيلومتر تقريبا.
تجربة شخصية اعتمد الصحفي الألماني في رحلته التي استغرقت سنة كاملة ومولتها مجلة “دير شبيغل”، على مذكرات ابن بطوطة ومنها كتابه الشهير “تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار”.
ويقول فولات إنه “يحتوي على الكثير من التفاصيل مقارنة بمذكرات الرحالة الإيطالي ماركو بولو، لأن ابن بطوطة كان مهتما بكل شيء تقريبا، فقد تطرق إلى جميع المواضيع وفي جميع المجالات، وركز بشكل كبير على البلدان التي زارها وأيضا على المدن والطبيعة والناس العاديين، الذين قابلهم خلال رحلاته”.
وعن تجربته الشخصية يقول فولات إن رحلته التي بدأت عام 2015 ربما كانت أصعب: “رحلة ابن بطوطة كانت في محيط مألوف بالنسبة له سواء من ناحية اللغة العربية أو الوصول إلى العديد من الدول ولم يكن عليه الحصول على تأشيرة دخول إلى أي بلد زاره في ترحاله الذي دام عقودا، في حين احتجت إلى الحصول على 12 تأشيرة لزيارة 13 مدينة”.
عولمة وتسامح بعد مرور 700 عام على وفاة ابن بطوطة، شهدت البلدان والمدن التي زراها تغيرات كبيرة لا من الناحية الجغرافية فحسب، وإنما شملت هذه التغيرات صورة الإسلام والحضارة الإسلامية. ويقول فولات “وصف ابن بطوطة العالم الإسلامي في القرن الرابع عشر كرحلة عبر الأمة أو كما ذكر في مذكراته “دار الإسلام”، لكن ما أدهشني أكثر هو وصفه لعولمة القرن الرابع عشر والتسامح والانفتاح في الدين الإسلامي آنذاك”.
ومن خلال مقارنته لما جاء في مذكرات ابن بطوطة عن الدين الإسلامي مع الواقع، لاحظ فولات تغيرا في طريقة ممارسة الدين، وهو يرى أن السبب في ذلك راجع أساسا إلى الدكتاتوريات في العالمين العربي والإسلامي، واختلاف الوعي والتصور لدى العديد من المفكرين والحكام المسلمين في الماضي عن الحكام الحاليين الذي يتصف أغلبهم بالأنانية وحب السلطة”.
ويقدم فولات خلاصة تجربته قائلا “باختصار كونت صورة متنوعة عما شاهدته ووصلت إلى نتيجة مفادها أن ما يعشيه العالم العربي والإسلامي اليوم ليس له علاقة بالدين كما نعتقد هنا في الغرب، ولكن الدين استعمل من قبل الحكام وبشكل متطرف من داعش (تنظيم الدولة الإسلامية) كأداة لفرض السلطة وقمع النساء ووأد الآراء المخالفة لهم ولسياساتهم”.