السبت:
2024-05-18
17º

"سماسرة التصاريح".. المتاجرون بـ"عرق" العمال

نشر بتاريخ: 13 أغسطس، 2017
"سماسرة التصاريح".. المتاجرون بـ"عرق" العمال

رام الله- رام الله مكس

يعاني العامل الفلسطيني عنان سهيل (25 عاماً) من إحدى بلدات جنوب نابلس شمال الضفة الغربية، نتيجة لاستغلال السماسرة المتكرر، في شراء التصاريح  التي تخوله دخول المناطق الفلسطينية المحتلة عام 48 والمستوطنات.

وتعد حكاية سهيل نموذجا لمئات الحالات لعمال تعرضوا للاستغلال والابتزاز من مجموعة أضحت معروفة بـ (سماسرة التصاريح)، مما جعل الأصوات تتعالي لمواجهتهم وفضحهم وعدم التعاطي معهم. ويضطر مئات العمال من مختلف مناطق للضفة التعامل مع هؤلاء السماسرة، من أجل الحصول على فرص عمل في الداخل، بسبب حالة البطالة المتفاقمة في الضفة.

ووصلت الأوضاع الاقتصادية للعمال في فلسطين إلى مرحلة خطرة كما يقول المختصون في العمل النقابي، ففي تقرير صادر عن منظمة العمل الدولية تبين أن العمالة الفلسطينية في الأراضي المحتلة تواجه استغلالاً كبيراً”، ولا سيما على يد سماسرة عديمي الضمير الذين يجنون أرباحاً ضخمة غير مستحقة من العمال الفلسطينيين”.

ووفقاً للمنظمة فقد قدرت أن إجمالي ما دفعه العمال الفلسطينيون للسماسرة في 2016، بلغ 380 مليون دولار، تشكل نسبتها 17 بالمائة من إجمالي الأجور التي تقاضاها الفلسطينيون في أماكن العمل في الداخل المحتل عام 1948، خلال نفس الفترة.

وأكد التقرير أن نقص البدائل، أرغم الفلسطينيين على البحث بازدياد عن  عمل في “إسرائيل” والمستوطنات، مضيفاً أن متوسط أجور الفلسطينيين العاملين في الأراضي المحتلة يفوق ضعفي متوسط الأجور في الضفة الغربية.

وبحسب التقرير فقد بلغ عدد العاملين من فلسطينيي الضفة الغربية في الداخل والمستوطنات، نحو 139.6 ألف عامل في الربع الأول 2017 مقابل 128.8 ألف عامل في الربع الأخير 2016، بمتوسط أجر يومي يبلغ 60 دولاراً للعامل.

البطالة والاستغلال وحذر الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين من تلك النسب العالية، موضحاً أن فلسطين لم تعد قادرة على حل مشكلة البطالة، في ظل الأوضاع السياسة والاقتصادية الراهنة التي يسببها الاحتلال.

وكثيراً ما يستغل المشغلون الإسرائيليون ضائقة العمال الفلسطينيين العاملين داخل الأراضي المحتلة، وخاصة العمال الذين لا يملكون تصاريح للتواجد في “إسرائيل”، ويشغلونهم مقابل أجر زهيد وبظروف صعبة من خلال حرمانهم من حقوقهم، إضافة إلى اقتناص جزء من المعاش لصالح “سماسرة التصاريح”.

وصرح أحد العاملين أن تصاريح العمل للعمالة الفلسطينية لها سماسرة وتجار متخصصون، ويربحون ربحا فاحشا من وراء تلك التصاريح.

تصريح العمل

ويقول أبو مصعب (40 عاماً) والذي يعمل منذ 10 سنوات  بالداخل المحتل “إنه كان يتكلف شهرياً حوالي 2500 شيكل ثمنا لاستخراج تصريح العمل، وذلك من إجمالي مرتبه الذي كان يصل إلى 8500 شيكل.

وأكد أبو مصعب أنه ليس العامل الفلسطيني الوحيد الذي يتكبد كل تلك التكلفة، فحوالي 1000 عامل يتكبدون تلك التكلفة مع نفس المقاول الذي يتعامل معه، أي أن المقاول يربح ما يقارب من 1500 شيكل في كل تصريح، مشيراً إلى أن العامل لا يستطيع استخراج تصاريح للعمل بمفرده.

العامل” أبو محمد” تعرض للإذلال والمغامرات قبل حصوله على تصريح، مما اضطره للبحث عن تصريح، ويقول: “قررت البحث عن تصريح بكل السبل، وجدت فرصة في شراء تصريح، في البداية ترددت، خاصة أن سعر التصريح مرتفع جداً، ولكن أمام عدم وجود بديل وكلت أمري لله، واشتريت تصريحا من صاحب عمل زراعي مقابل 2700 شيكل، مشيراً إلى ذهاب 200 شيكل للسمسار والباقي لصاحب العمل، بدفع جزء لمكتب العمل والتأمين الوطني الإسرائيلي، ويوفر مبلغاُ كبيراً له”.

من جهته، أكد أمين عام اتحاد نقابات عمال فلسطين شاهر سعد، شيوع هذا النوع من الاستغلال من “سماسرة التصاريح”، مشيراً إلى أنهم معروفون للجهات الرسمية الفلسطينية، حيث يقدم الاتحاد شكاوي بحقهم، إلا أنهم لم يتابعوا لأسباب مختلفة، فضلاً على أن قسما منهم ممن يحملون الهوية الإسرائيلية لا تستطيع السلطة الوطنية ملاحقتهم.

ويوضح سعد في هذا الخصوص أن سماسرة فلسطينيين وإسرائيليين يقفون خلف هذا النوع من الاستغلال، حيث يتفق سمسار إسرائيلي مع سمار فلسطيني على إصدار عشرات التصاريح من الجهات الإسرائيلية الرسمية، فيما يتولى الفلسطيني بيعها للعمال العرب مقابل نسب مالية محددة لكل منهما، مضيفاً أن هناك نحو 22 ألف تصريح ضمن هذه الفئة، وغالبيتها لا تصل عبر مكاتب العمل الفلسطينية وتصدر مباشرة من “الإدارة المدنية”.

وبحسب سعد؛ يدفع العمال الفلسطينيون ممن يتعرضون لاستغلال سماسرة التصاريح أكثر من نصف أجورهم اليومية مقابل الحصول على تصاريح للعمل.

ووفقاُ لجهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني، فقد بلغت نسبة البطالة في السوق الفلسطينية 27 بالمائة حتى الربع الأول من العام الجاري، بعدد عاطلين عن العمل يبلغ 370 ألف فرد في الضفة الغربية.

في حين ترى منظمة العمل أن نسبة البطالة في فلسطين هي الأعلى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، “وتفوق ضعفي المعدل في المنطقة”.

ووفقا للقانون الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، فإن “إسرائيل” ملزمة بضمان المعيشة لسكان الأراضي المحتلة الفلسطينية الخاضعة لسيطرتها الفعلية، كما أن عليها أن تضمن لهم حقوقهم في العمل والاستمتاع بمستوى حياة لائق.

مشكلة السماسرة

في نفس السياق قال  إبراهيم ذويب عضو الأمانة العام للاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، إن العامل الفلسطيني أصبح يتوجه لسوق العمل الإسرائيلي، عبر سماسرة عمال من الفلسطينيين يتعاملون مع سماسرة عمال “إسرائليين”، لذلك يقطع من راتب العامل مبالغ ضخمة، مشيراً أن العامل الفلسطيني  في السوق الإسرائيلي أصبح يعاني من انتهاكات أو أضرار مادية كثيرة.

وأكد أن التصاريح يفترض أن تكون مباشرة مع المكاتب المخصصة، بحيث لا يتم اقتناص مبالغ من راتب العامل.

وقال ذويب إن التصاريح تمنح بالمجان، مضيفاً “هي بالأساس تمنح بدون ثمن، إلا أن السماسرة استغلوها وحولوها إلى تجارة سوداء، مشيراً إلى أن مكاتب العمل ستتولى متابعة حقوق العمل في “إسرائيل”.

وأشار أنه خلال وجوده في جنيف، الذي عقد الشهر الفائت، في مؤتمر العام لاتحاد نقابات عمال السويد تطرق المؤتمر ولأول مرة لموضوع العمال والسماسرة، حيث شكل المؤتمر مدخلا لعلاج العديد من القضايا وخاصة موضوع “السماسرة”.

وأكد أن المبالغ الذي المقتنصة من العمال الفلسطينيين في عام 2016 والتي بلغت 380 مليون دولار تشكل استنزافا كبيرا للاقتصاد الفلسطيني، حيث يفترض أن يذهب المبلغ لأيدي العمال الفلسطينيين ويستخدم في سوق العمال وحياتهم المعيشية.

وأشار إلى وجود نوعين من التصاريح، الأول: التصاريح التي يحصل عليها المقاولون إذ إن لكل مقاول كوتا، أي أنه يمكنه الحصول على عدد من التصاريح وهو فعليا لا يكون بحاجة لعمال بعدد التصاريح، فيبيعها للعمال بمبالغ معينة، تصلى إلى 2000 شيكل، وهو فعليا يدفع 1400 شيكل لمكتب العمل بـ”إسرائيل”.

وأضاف: “هناك نوع آخر، وهي التصاريح التي يحصل عليها من يعملون لصالح “إسرائيل”، وتكون “تصاريح مشبوهة”، مؤكدا أن “هناك إجراءات تعمل بها السلطة حاليا بحيث تنظم بعيداً عن السماسرة، كما أن الاتحاد العام للعمال الفلسطينيين يمارس ضغوطات كثيرة من أجل إيقاف العمال الفلسطينيين والتقليل من الخسائر الذي يتعرض لها العامل والاقتصاد الوطني بشكل عام”.

وأكد مدير مركز الديمقراطية وحقوق العاملين في الضفة الغربية حسن البرغوثي، من خطورة النسب، موضحاً أن النسب تزداد عاماً بعد عام دون الوصول لحلول، منبها إلى أنه في “إسرائيل” بالتحديد حيثما وجد العامل الفلسطيني أو العامل المهاجر لا يوجد رقابة على تطبيق القانون، ولا يوجد احترام لحقوق الإنسان ولا يزود العامل بمعدات وقاية، خاصة الفلسطينيين.

وأضاف “العمال الفلسطينيون يعملون في العمل الأسود الذي يرفض “الإسرائيليون” العمل فيه ولا يوجد عليه أي رقابة أو أي إجراءات سلامة، لذلك يجب احترام حقوق العامل بغض النظر عن انتمائه القومي أو الديني”.

وأكد البرغوثي أن التأسيس لأرضية عمل لائق في فلسطين وفي بيئة صلبة من شأنه أن يعود بالتأثير الإيجابي في عملية الإنتاج، وتوفير ملايين الدولارات على أصحاب العمل والحكومة، والحفاظ على سلامة العامل، مشيرا إلى أن حقوق العامل الفلسطيني  في الأراضي المحتلة  شبه مهدورة في ظل خضوع العامل “للسمسار”، ووجود تصاريح غير قانونية.

أسعار العملات
دولار أمريكي
دولار أمريكي
3.673 - 3.667
دينار أردني
دينار أردني
5.188 - 5.165
يورو
يورو
3.997 - 3.990
الجنيه المصري
الجنيه المصري
0.079 - 0.078
السبت 18 مايو، 2024
17º
الصغرى
العظمى
17º