الخميس:
2024-04-25

حالة الغضب والإحباط في إسرائيل تبلغ حد الهستيريا في اليوم الثاني لعملية هروب أسرى جلبوع

نشر بتاريخ: 07 سبتمبر، 2021
حالة الغضب والإحباط في إسرائيل تبلغ حد الهستيريا في اليوم الثاني لعملية هروب أسرى جلبوع

رام الله مكس- وفقا للرواية الإسرائيلية الرسمية لم يتم العثور على طرف خيط من شأنه أن يفضي للإمساك بالأسرى غداة هربهم من حصن جلبوع وإن ذلك يحتاج صبرا وانتظارا لخطأ يرتكبه أحدهم كالاتصال الهاتفي على سبيل المثال.

وهناك تقديرات إسرائيلية أمنية متفاوتة بين من يرجّح أن الأسرى ما زالوا داخل أراضي 48 وبين من يقول إن بعضهم على الأقل نجح بالهرب للأردن بعدما مرّ وقت كبير على مغادرتهم السجن فيما قالت صحيفة “هآرتس” إن مساعي البحث عنهم دخلت في “طريق مسدود” وفشلت في تحقيق أي تقدم نحو ضبطهم.

تبدو عملية الأسرى الفلسطينيين الستة البطولية الأخيرة، عملية حفر جبل فقوعة بالإبرة ضربا من الخيال لكنها هي الإرادة والإيمان بعدالة قضيتهم وهي حلقة في مسلسل نضالي فلسطيني طويل بدأ مبكرا بل سبق نكبة 1948. في معاينة كافة تفاصيل وملابسات ودلالات عملية الهرب بعد حفر النقب بالملعقة والردود الفلسطينية والإسرائيلية عليها وتوقيتها وسياقها الراهن لا شك أن عملية هروب الأسرى من جلبوع أبعد بكثير من إخفاقات السجن والسجانين في حصن “جلبوع” كونها نجاحا تكتيكيا بيد أنها بنفس الوقت تحمل معاني استراتيجية ضمن موازين القوى بين الشعب الفلسطيني وبين الاحتلال المدّجج بالسلاح والمحاط بالقلاع والمتمترس خلف الحصون.

تنطوي هذه العملية الملهمة والشجاعة التي تتفوق بواقعها على مشاهد الفيلم السينمائي الأمريكي الشهير “الخلاص من الشاوشنيك” من 1994 حول هروب سجناء بطريقة مشابهة من سجن منيع جدا على ضربة موجعة لإسرائيل ولا يمكن المبالغة بذلك لأنها مهينة لها ولمؤسستها الأمنية ولحكومتها الجديدة. هذه صفعة حقيقية لهيبة الاحتلال وحكومة نفتالي بينيت الجديدة خاصة أنها جاءت بعد أسبوع من قتل ضابط إسرائيلي مسلح ببندقية رشاشة على يد شاب فلسطيني بحوزته مسدس بدائي تقدم نحو جدار الحصار الإسمنتي في حدود غزة.

كما أن هذه العملية تأتي بعد نحو ثلاثة شهور من فشل عدوان “حارس الأسوار” باعترافات إسرائيلية أيضا فرغم صبّ الجحيم على غزة لكنها صبرت على جرحها وصمدت وردت بقصف متتال للعمق الإسرائيلي متجاوزة القبة الحديدية طيلة 11 يوما رغم الهوة الكبيرة في موازين القوى العسكرية ورغم الحصار والتطبيع وحالة الانقسام الداخلي. ومما زاد من حالة الارتباط والسخط في الجانب الإسرائيلي نجاح المقاومة الفلسطينية في غزة بضم القدس وفلسطينيي الداخل ضمن الصراع والمواجهة بعدما عملت حكومات نتنياهو طيلة 12 عاما على تكريس الانشقاق الفلسطيني والفصل بين المجموعات الفلسطينية وسياسات “فرق تسد” التي انفجرت في وجه معديها ومنتهجيها.

4500 أسير فلسطيني

في هذه الأجواء شهد سجن جلبوع عملية اختراق حدود المستحيل هذه التي تجاوزت أهميتها النجاح في تحقيق مبتغاها بهروب ستة من بين 4500 أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية اليوم. هو نجاح السجين على السجان في معركة معدومة الفرص المتكافئة داخل حصن منيع والأهم أن هؤلاء الستة قد وضعوا أصابعهم في عيون الاحتلال في عملية تنطوي على إهانة لجبروته ومذلة لقوته وكانت صور الضباط الإسرائيليين المشدوهين وهم يعاينون فتحة نفق التهريب خارج السجن في مرج بيسان تبدو رسما كاريكاتيريا يسخر من المؤسسة الأمنية الإسرائيلية فيما بدا جبل فقوعة من خلفها شامخا مبتسما هو الآخر بابتسامة التشفي والفخار. لذا طلب قادة الطبقتين السياسية والأمنية الإسرائيلية القبض على الأسرى الستة أحياء أم أموات، لا فرق كما كشفت القناة العبرية 12.

المخاوف الحقيقية أعمق من الهواجس الأمنية

لم يكن هذا الإلحاح في السعي للإمساك بهم لدواع أمنية وخوفا من تنفيذ عملية تستهدف إسرائيليين في أحد الكنس خلال يوم عيد رأس السنة العبرية المصادف اليوم الثلاثاء بل هو تعبير عن إدراك خطورة مثل هذه العملية استراتيجيا خاصة على الوعي. ولذا كرر رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت بنفسه مشاركته في هذا الضغط من خلال زيارته ثكنات عسكرية في الضفة الغربية المحتلة مطالبا برؤوس الأسرى الستة بكل الأحوال فيما كان وزير الأمن الداخلي عومر بارليف أمام سجن جلبوع وكأن على رأسه الطير.

ولليوم التالي على التوالي نصبت سلطات الأمن الإسرائيلية نحو 200 حاجز عسكري في الشوارع التي اختنقت بأزمات مرورية علاوة على محاصرة بلدات عربية في أراضي 48 ومناطق أخرى على الحدود مع سوريا ولبنان والأردن وداخل الضفة الغربية.

ويعتقد مراقبون كثر أنه حتى لو ضبطت قوات الأمن الإسرائيلية لاحقا الأسرى الستة وتم اختزال قيمة العملية لن تتلاشى مفاعيل هذه الـ”ضربة” المعنوية المشحونة بدلالة رمزية عميقة حول ميزان القوى بين السجان والسجين. وتبدو مفاعيل عملية الهرب من سجن جلبوع وتأثيرها على وعي الفلسطينيين كبيرة وتقلق الجانب الإسرائيلي الذي يخشى من شحنها بطارياتهم وتملأ مخازن معنوياتهم من جديد وربما تدفع أوساطا منهم للاقتداء بالأسرى في عمليات مقاومة متنوعة للاحتلال.

داوود وجوليات

في المقابل فإن مثل هذه العملية التي تعيد للذاكرة أسطورة تغلب الضعيف على القوي أسطورة داود وجوليات التاريخية بطبعتها الفلسطينية الحديثة تترك تأثيرا حقيقيا على الإسرائيليين وعلى وعيهم أكبر من مفاعيل عدة عمليات عسكرية. وليس من الممكن فقط أن تكون عملية ملهمة ومحفزة لمقاومة الاحتلال بل ربما تتفاعل وتؤدي للمزيد من الهزات المتنوعة وداخليا ربما تهدد مستقبل حكومة بينيت المتهمة بالضعف والتردد وقلة الخبرة ولذا كله تسود داخل إسرائيل حالة غضب وقلق تبدو هستيرية أحيانا ومصدرا للتندر والنكات السوداء التي تتحدث عن يوم “مبارك” في أول السنة العبرية وعن منح زكريا زبيدي شهادة دكتوراه في هندسة المنشآت و”تهنئة” تحمل صورته يقول فيها بالعبرية “سنة جديدة حلوة.. سنة حرية وحقوق” وغيرها.

ومما يزيد من حالة الحنق ويعمق الإحباط ليس فقط الإخفاقات في الحراسة والحماية في سجن جلبوع الذي شهد محاولة هرب فاشلة في 2014 بل الكشف عن قيام سائق تاكسي إسرائيلي بالاتصال بالشرطة وتبليغها بعد الساعة والواحدة نصف ليلة الأحد أنه شاهد عدة أشخاص ملثمين يثيرون الريبة ويحملون حقائب يجتازون الشارع مقابل سجن جلبوع وهم يهربون نحو منطقة وعرية لكن الشرطة عالجت الموضوع ببطء شديد وفقط بعد ساعة وربع اتصل قائد شرطة بيسان بإدارة السجن وأبلغهم بالتفاصيل المذكورة لكن السجانين تنبهوا لفقدان ستة أسرى بعد الساعة الثالثة فجرا مما مكن الأسرى الهاربين من الابتعاد.

وحسب تسريبات صحافية تعتقد المخابرات الإسرائيلية التي فرضت أمر منع نشر على القضية أن الأسرى تلقوا مساعدة من داخل السجن وخارجه وأنهم استعانوا بسيارة واحدة أو مركبتين وأنهم تفرقوا في مجموعتين أو ثلاث وسط ترجيحات بأن بعضهم أفلح في اجتياز الحدود نحو الأردن فيما دخل واستقر آخرون في مخيم جنين الذي يصعب اقتحامه بسبب وجود عدد كبير من المقاومين أو لمنطقة أخرى داخل الضفة الغربية التي ينتظر أن يساهم الأمن الفلسطيني في إلقاء القبض عليهم ضمن التنسيق الأمني وفق ما قالته القناة العبرية 13 على لسان مراسلها للشؤون العربية حيزي سيمان طوف.

أسعار العملات
دولار أمريكي
دولار أمريكي
3.768 - 3.758
دينار أردني
دينار أردني
5.321 - 5.294
يورو
يورو
4.032 - 4.022
الجنيه المصري
الجنيه المصري
0.079 - 0.078
الخميس 25 إبريل، 2024
الصغرى
العظمى
17º