رام الله مكس- ستكون الساعات الـ48 القادمة، حاسمة أمام تحديد مصير تفاهمات الهدوء القائمة حاليا في قطاع غزة، بعدما أبدت حركة حماس وفصائل المقاومة، امتعاضها من تأخر عمليات الإعمار، وإعاقتها بشكل متعمد من قبل الاحتلال، حيث سيحدد الأسبوع القادم، إن كانت تلك الفصائل ستذهب لـ”التصعيد الميداني” المتدرج، أم ستواصل الحفاظ على الهدوء، بناء على ما سيحدث عمليا على الأرض.
وحسب المعلومات فإن الفصائل وفي مقدمتها حركة حماس، ستنتظر ردود الوسطاء، الذين تدخلوا منذ بدايات الأسبوع الجاري، بناء على إشارات الغضب التي أبدتها الفصائل، بسبب تأخر عملية إعمار المنازل التي دمرت في الحرب الأخيرة في مايو الماضي، حتى اللحظة.
وسيكون مصير عملية الهدوء التي تشهدها مناطق الخدود وقطاع غزة حاليا، مرتبطة بالالتزامات التي ستقدم من قبل الوسطاء، بخصوص الإعمار، وعدم ربط الملف بصفقة تبادل الأسرى، على أن تبدأ عملية البناء قريبا، حيث ينتاب الفصائل الفلسطينية غضبا شديدا لتأخر العملية وحلول فصل الشتاء، على عكس الوعود السابقة، التي كانت تشير إلى أن بدء عملية الإعمار سيكون قبل حلول موسم الأمطار.
وقال فوزري برهوم الناطق باسم حماس “كتائب القسام ومعها فصائل المقاومة رسموا معارك النصر في الفرقان وحجارة السجيل والعصف المأكول وسيف القدس، خرج خلالها العدو مُعلقاً أجراس الذل والعار أمام ضربات المقاومة”. وتابع: “لا تفريط ولا تراجع مهما بلغت التضحيات وهذا عهدنا”. وكان برهوم يردد هذه الجمل خلال تأبين أحد نشطاء حماس، الذي استشهد أثناء عمليات التجهيز والإعداد.
وتلت عملية تلويح فصائل المقاومة بالتصعيد، زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد إلى العاصمة المصرية القاهرة للقاء نظيره سامح شكري، وكبار المسؤولين هناك، بينهم مسؤولين أمنيين يشرفون على الوساطة في ملف التهدئة.
وحسب الترتيبات يبحث لبيد، في العاصمة المصرية القاهرة، ملف “التهدئة”، وعمليات الإعمار وصفقة التبادل، على أمل إنهاء حالة التوتر القائمة حاليا.
وقد ذكرت تقارير عبرية أن الزيارة تحمل طابعا أمنيا وسياسيا، وستخصص لمناقشة القضية الفلسطينية وملف قطاع غزة بالتحديد، بما فيه صفقة تبادل الأسرى التي تصر حماس على فصلها عن باقي الملفات.
ولا يعرف إن كانت الفصائل ستقبل بمقترحات لبيد التي ينقلها باسم حكومته، أم لا، فيما كانت الفصائل قد استبقت الزيارة، وأعلنت رفضها الموافقة على هدنة طويلة مقابل تسهيلات اقتصادية كما تطلب إسرائيل.
والجدير ذكره أن وزير خارجية إسرائيل هو صاحب الخطة المعروفة باسم “الاقتصاد مقابل الأمن” والتي لاقت موافقة من رئيس حكومة تل أبيب ووزير الجيش سابقا.
لكن أوساط مطلعة رجحت إمكانية نجاح الوسيط المصري في تجاوز الأزمة القائمة، والاستمرار في حالة الهدوء، من خلال دفع إسرائيل لتسهيل عملية الإعمار، ليس من باب القول، بل من باب الفعل، لافتا إلى أن قرار إسرائيل السابق بعدم وضع عراقيل أمام دخول مواد البناء، لا يكفي لإنجاز عملية الإعمار، في ظل عدم وصول الأموال المطلوبة لأصحب تلك المنازل.
وحسب ما كشف خلال اليومين الماضيين، اللذان شهدا تعبير الفصائل عن غضبها بسبب تأخر الإعمار، أن مدير المخابرات المصرية العامة اللواء عباس كامل، سيزور اسرائيل مرة أخرى نهاية الشهر الجاري لمتابعة الاتصالات بصدد صفقة تبادل الأسرى مع حماس، بعدما جرى تأجيل الزيارة التي كانت مقررة نهايات الشهر الماضي.
يشار إلى أن إسرائيل استعدادا لأي مواجهة عسكرية، أعلنت الثلاثاء عن اكتمال بناء الجدار الأسمنتي، الذي يمتد في باطن الأرض على طول حدود غزة، بعد عمل استمر لثلاث سنوات، في مسعى لمنع وصول المسلحين الفلسطينيين، عبر الأنفاق، إلى داخل حدودها لشن هجمات مسلحة، على غرار ما حدث في الحرب التي شنتها ضد غزة صيف العام 2014.
ولاقى هذا الجدار الذي يزيد من معاناة سكان غزة المحاصرين، انتقاد من الكاتب الإسرائيلي إيتامار فليشمان، بعد احتفال الجيش الإسرائيلي بما وصفه بـ”الانجاز”.
استهزاء إسرائيلي بالجدار الأسمنتي وخلافات حول إخلاء مناطق الغلاف حال التصعيد
وقال الكاتب في مقال له نشرته صحيفة “إسرائيل اليوم” العبرية، “لا اعتراض على الاحتفال بهذا الإنجاز التكنولوجي، لكن منذ متى كان مفهوم النصر هو الدفاع بالأسوار والتحصينات بدلا من عبورها لضرب العدو؟”، وكان بذلك يحرض على الدخول لغزة وشن حرب هناك.
وأضاف “ما هو واضح حقيقة أنه في عام 2021 يجلس المسؤولون عن أمن الدولة اليهودية وينتظرون متى سيضربهم العدو، بدلاً من إجبار العدو على الارتعاش خوفا من احتمال قيامنا بضربهم أولاً”.
واستهزأ الكاتب الإسرائيلي بقيادة الجيش قائلاً: “المفارقة الكبرى في هذه الرواية أنه بالتوازي مع مراسم الاحتفال عند حدود غزة، جلس قادة حمـاس في مكاتبهم بارتياح واحتسوا بعض الشاي الساخن واستمروا في التخطيط لطرق جديدة لإلحاق الأذى بإسرائيل ومواطنيها، ويستمرون في تسليح وتجهيز أنفسهم دون عوائق تقريبًا، يحتكرون قرار متى وكيف سنبدأ العملية القادمة”.
وفي هذا السياق، قال موقع “عكا” الذي يتابع الشأن الإسرائيلي، إن هناك خلافات بين القيادة الإسرائيلية حول خطة لإخلاء منطقة “غلاف غزة” حال تجدد القتال مرة آخري مع الفصائل في غزة.
وذكر أن لجنة الشؤون الخارجية والأمن تناقش خطة إخلاء المستوطنات في “غلاف غزة” حال اندلاع عملية عسكرية مع القطاع.
ووفق ما نشر فإن رئيس مجلس “أشكول” القريب من الحدود، أكد أن الخطة “فوضوية وغير عملية، كما أن هناك تداخل بين دور الدولة ودور المجالس”.
ونقل عن رئيس هيئة الطوارئ الوطنية الإسرائيلية، القول “إنه فقط في بداية العام تم وضع خطة لإخلاء المستوطنات في وقت الحرب”.
والمعروف أنه وقت الحرب يلتزم سكان تلك المناطق الأماكن الآمنة، بسبب قصف المقاومة، فيما كانت سلطات الاحتلال قد عملت على إخلاء بعضهم خلال حرب 2014، وبعد تلك الحرب نفذت العديد من المناورات العسكرية على الإخلاء، وأخرى حاكت وصول نشطاء فلسطينيين، عبر “الأنفاق” المقامة أسفل الحدود إلى تلك المناطق، والاشتباك هناك مع الجيش، بعرض أسر جنود ومستوطنين، والعودة بهم إلى غزة.