الخميس:
2024-03-28
17º

تسوية أراضي القدس مشروع استعماري خبيث ظاهره مدني عصري

نشر بتاريخ: 25 أكتوبر، 2021
تسوية أراضي القدس مشروع استعماري خبيث ظاهره مدني عصري

رام الله مكس- يؤكد تقرير للمركز الفلسطيني للشؤون الإسرائيلية (مدار) أن مشروع الاحتلال بتسوية الأراضي في الشطر الشرقي من القدس، هو مشروع استعماري يأتي لتقليل الفجوات الاقتصادية والاجتماعية بين المقدسيين واليهود في المدينة، ويأتي إلى جانب خطة التدخل في حقل التعليم، العمل، البنية التحتية وغيرها من المجالات.

وحذر التقرير من أن هذا المشروع الإسرائيلي يساعد الاحتلال في المضي قدماً في سرقة المزيد من الأراضي بشكل فجائي وتحت مسوغات “قانونية”. ويستذكر التقرير أن حكومة الاحتلال اتخذت في 2018، قرارا رقمه 3790 وعنوانه “تقليص الفجوات الاجتماعية والاقتصادية وتطوير الاقتصاد في القدس الشرقية” وأحد أهم بنوده هو “تخطيط الأراضي وتسجيلها”، والذي ستقوم إسرائيل بموجبه، من خلال لجنة تشرف عليها وزارة القضاء، بتسوية كل أراضي الشطر الشرقي من القدس المحتلة، وستنتهي أعمالها مع نهاية العام 2025.

هذا المشروع الإسرائيلي يساعد الاحتلال في المضي قدماً في سرقة المزيد من الأراضي بشكل فجائي وتحت مسوغات “قانونية”

وكان من المفترض أن تنجز حكومة الاحتلال تسوية 50% من أراضي القدس الشرقية خلال الربع الأخير من عام 2021 (تشرين الأول- كانون الأول)، لكن العملية تبدو معقدة، وتتوقع إسرائيل ألا تمر بهدوء في كل أحياء القدس وعليه فضلت “لجنة التسوية” المسؤولة عن العملية أن تبدأ بتسوية أحواض تجربة في مناطق متفرقة، إلا أن انتشار وباء كورونا أدى إلى أن تسير العملية ببطء، لكن أيضاً بثبات.

قوة عمل فلسطينية

وينبه موقع “مدار” أنه في ظاهر القرار، تدعي إسرائيل أن تسوية أراضي القدس الشرقية من شأنه “أن يزيد دخل بلدية القدس بمئات الملايين وأن يزيد دخل المقدسيين الذي سيتمكنون من الاستفادة من التسوية، وتخصيص نحو 550 ألف متر مربع من البناء لصالح مناطق صناعية ستستوعب قوة عمل فلسطينية، لكن في جوهر القرار، يمكن أن تُستخدم التسوية، وبشكل فعال وغير قابل للعودة عنه، للمضي قدماً في المشروع الاستعماري الاستيطاني الذي سيصادر أراضي شاسعة من القدس ويسجلها رسمياً أملاك دولة، أو أملاكاً يهودية”.

ويأتي قانون تسوية أراضي القدس الشرقية، الذي يطبق ما بين 2018-2025، بعد أكثر من نصف قرن على احتلال القدس الشرقية وضمها إلى السيادة الإسرائيلية وصادر الاحتلال خلال هذه السنوات مناطق شاسعة منها لصالح كتل استيطانية كبرى، حاصرت التمدد الطبيعي للمقدسيين، وخلقت حقائق جديدة داخل الفضاء المكاني. هذا يعني أن تسوية أراضي القدس الشرقية بناء على وقائع اليوم (2018-2025)، وليس بناء على ما كان عليه الأمر عشية الاحتلال (1967) سوف لن يثبت التغييرات الاستعمارية في القدس الشرقية وحسب، إنما أيضاً سيمضي قدماً في سرقة المزيد من الأراضي بشكل فجائي وتحت مسوغات “قانونية”.

شهادات طابو

وفي الحديث عن السياق التاريخي لتسوية أراضي فلسطين، يوضح “مدار” أن عملية تسوية الأراضي هي إحدى وظائف الدولة، وتهدف إلى ترسيم حدود كل قطع الأراضي وتحديد ملكياتها بشكل نهائي غير قابل للطعن من خلال إصدار شهادات طابو. منوها أن بريطانيا التي بدأت بالمشروع عام 1928 لم تستكمل تسوية كل أراضي فلسطين. وفيما يخص إسرائيل، استمرت عملية التسوية فيها بعد النكبة بحيث تم تسوية نحو 96% من الأراضي (أكثر من 17700 حوض، ونحو مليون قطعة أرض). فيما يخص الأرض المحتلة عام 1967 (بما يشمل بطبيعة الحال القدس الشرقية) قامت الأردن باستخدام سيادتها خلال فترة الحكم الأردني (1948-1967) في محاولة لاستكمال تسوية الأراضي، لكنها أيضاً لم تنته، وتركت أراضي شاسعة بدون تسوية.

تدعي إسرائيل أن تسوية أراضي القدس الشرقية من شأنه “أن يزيد دخل بلدية القدس بمئات الملايين وأن يزيد دخل المقدسيين

واتخذت إسرائيل بعد الاحتلال عام 1967 قرارين كانت لهما أبعاد استراتيجية على مستقبل الأرض المحتلة. الأول كان في ضم مدينة القدس وفرض السيادة الإسرائيلية عليها في 27 حزيران 1967. وفي القرار الثاني الصادر عن الإدارة العسكرية الاسرائيلية عام 1968 وبموجبه لم يتم إلغاء الأراضي التي قامت الحكومة الأردنية بتسويتها، وإنما جمد العملية عند اللحظة التي وصلت إليها، وألغى كل إجراءات التسوية التي كانت قائمة ولم تنته بعد. وظلت فكرة تسوية الأراضي (في الضفة الغربية والقدس الشرقية) مطروحة على أجندة الاحتلال منذ تلك الفترة، لكنه أرجأ عملية تسوية الأراضي أكثر من نصف قرن بهدف تثبيت حقائق جديدة على الأرض قد تحول العديد من الأراضي غير المسواة بعد إلى “أراضي دولة”.

اقتلاع المقدسيين

وينبه “مدار” أيضا أنه في بلد غير خاضع للاستعمار، فإن تسوية الأراضي لها أهمية بالغة على المستويين الاجتماعي والاقتصادي للسكان. بيد أن الحديث عن تسوية الأراضي دون الإشارة إلى أن الأراضي المستهدفة في مشروع التسوية تخضع لاحتلال يستهدف اقتلاع المقدسيين من أراضيهم، ويمنح أولوية، بشكل معلن وغير معلن، للاستيطان اليهودي، قد يحرف التحليلات المتعلقة بالآثار الاقتصادية “الإيجابية” لتسوية الأراضي عن سياقها التاريخي.

ويستذكر أنه في تقرير نشره مركز القدس لبحث السياسات عام 2018 (مركز إسرائيلي يعمل في القدس المحتلة) فإنه يرى أن “أحد أسباب الضائقة الاجتماعية في القدس” قد تكون عدم تسوية الأراضي، لأن المقدسيين غير قادرين على إثبات ملكيتهم للأراضي بدون إدراجها بشكل رسمي في سجل الأملاك، وهو أمر لا يتم إلا بعد عملية تسوية نهائية.

ويتابع: “يعني عدم القدرة على إثبات الملكية أن المقدسيين لا يستطيعون رهن عقاراتهم (للحصول على رهن عقاري). لكنهم أيضاً، وهذا الأهم، لا يستطيعون الحصول على رخص بناء في أراضٍ غير مسواة وغير منظمة من قبل بلدية الاحتلال. وقد قدر المركز الإسرائيلي أن خسارة المقدسي من عدم قدرته على الحصول على رهن عقاري إسرائيلي، وبسبب الفوائد العالية التي تضعها البنوك (بما في ذلك البنوك الفلسطينية) على قروض بناء في القدس (قبل التسوية) تبلغ مبالغ مالية باهظة جدا.

ويحذر “مدار” أن هذا لا يعني أن تسوية الأراضي بحدّ ذاتها تعتبر قيمة مطلقة بصرف النظر عن السياق السياسي الذي تتم خلاله. منوها أن تسوية الأراضي في القدس الشرقية قد تحول قطع الأراضي إلى قطع مسجلة وواضحة الملكية، وبالتالي تسهل عملية تدويرها (بيع، شراء، رهن). لكن حصر التبعات في مستواها الاقتصادي البحت (وهذا هو سبب إدراج قرار تسوية الأراضي ضمن خطة تقليص الفجوات الاجتماعية- الاقتصادية في القدس الشرقية، قرار حكومي (3790) من شأنه أن يحرف النقاش عن مصير مساحات شاسعة من أراضي القدس الشرقية، والتي ستتحول، بشكل “قانوني” إلى ملكيات إسرائيلية يهودية.

الحديث عن تسوية الأراضي دون الإشارة إلى أن الأراضي المستهدفة في مشروع التسوية تخضع لاحتلال يستهدف اقتلاع المقدسيين من أراضيهم، ويمنح أولوية للاستيطان اليهودي

مخطط خبيث

على المستوى السياسي يؤكد التقرير أن الانتقال من “ضم القدس” يرمي إلى الحصول على اعتراف أممي بـ سيادة إسرائيل على القدس المحتلة علما أن المجتمع الدولي لا يعترف بالقدس الشرقية كجزء من عاصمة دولة إسرائيل، وما زال يعتبر أن ضمها في العام 1967 هو أمر غير شرعي. ومع ذلك، تمضي إسرائيل في سياسة تهويد الشطر الشرقي من المدينة وخلق حقائق جديدة على الأرض قد تحول انسحاب إسرائيل منه إلى أمر غير قابل للتطبيق العملي.

وفي هذا السياق، تزامن إطلاق قرار 3790 في العام 2018 مع انتقال السفارة الأمرdكية إلى القدس المحتلة ولا بد من الإشارة إلى أنه في ديباجة القرار 3790، إشارة إسرائيل إلى أن خطة الحكومة تجاه القدس الشرقية (والتي تشمل مشروع تسوية الأراضي) إنما تهدف إلى ” تعزيز قدرة المقدسيين على الاندماج في المجتمع والاقتصاد الإسرائيلي، وكذلك … تعزيز الحصانة الاقتصادية والاجتماعية للعاصمة بأكملها”.

ويشدد “مدار” أنه لا بد من التوقف عند مفهوم “تعزيز الحصانة … للعاصمة بأكملها” كونه يحمل إشارات واضحة إلى مساعي إسرائيل تهيئة المجتمع الدولي لقبول “القدس الموحدة” كعاصمة لإسرائيل: إحدى المقدمات لذلك هي الكف عن اعتبار المقدسيين مجتمعاً محتلاً من خلال قيام إسرائيل بمعاملتهم على قدم وساق مع باقي المواطنين الإسرائيليين.

وتسوية الأراضي قد تأتي في هذا السياق لتقليل الفجوات الاقتصادية والاجتماعية بين المقدسيين واليهود في المدينة، وتأتي إلى جانب خطة التدخل في حقل التعليم، العمل، البنية التحتية وغيرها من المجالات.

ويعتقد زئيف إلكين، وزير القدس اليميني المتطرف، بأن ضم الشطر الشرقي من القدس المحتلة كان خلال الخمسين سنة الماضية ضماً على الورق فقط. ويرى وهو مهاجر جديد من روسيا أنه على أرض الواقع، فإن “القدس الموحدة” ظلت قدساً من شطرين، بحيث أن كل شطر يختلف عن الثاني من حيث مستوى المعيشة والرفاه، والظروف الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية.

وعليه، كمقدمة لضم القدس الشرقية “عملياً”، فإن مشروع تسوية الأراضي يعتبر خطوة ضرورية لهذا المخطط.

أسعار العملات
دولار أمريكي
دولار أمريكي
3.667 - 3.661
دينار أردني
دينار أردني
5.179 - 5.156
يورو
يورو
3.972 - 3.964
الجنيه المصري
الجنيه المصري
0.077 - 0.077
الخميس 28 مارس، 2024
17º
الصغرى
العظمى
17º